اليوم العالمي للطيور المهاجرة 2025: غابة السنط تنادي… فهل من مجيب؟

في كل ربيع وخريف، تعبر ملايين الطيور المهاجرة سماء الأرض، حاملةً معها رسائل الحياة والتجدد، ومذكرةً البشرية بأهمية التناغم مع الطبيعة

اليوم العالمي للطيور المهاجرة 2025: غابة السنط تنادي… فهل من مجيب؟

الخرطوم – مايو 2025

بقلم: د.جلال محمد يس

في كل ربيع وخريف، تعبر ملايين الطيور المهاجرة سماء الأرض، حاملةً معها رسائل الحياة والتجدد، ومذكرةً البشرية بأهمية التناغم مع الطبيعة . ويصادف هذا العام الاحتفاء باليوم العالمي للطيور المهاجرة في 10 مايو و11 أكتوبر تحت شعار: “المساحات المشتركة: إنشاء مدن ومجتمعات محلية ملائمة للطيور”.

هذه الحملة العالمية لا تدعو فقط لحماية الطيور، بل تسعى لإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والطبيعة، في وقت تتزايد فيه التهديدات التي تواجه التنوع البيولوجي على كوكبنا.

في قلب الخرطوم، تختبئ جوهرة طبيعية تُدعى غابة السنط. تمتد هذه الغابة الساحرة على مساحة 1500 هكتار، وتُعدّ واحدة من أقدم المحميات الطبيعية في السودان، حيث أُدرجت رسميًا في قائمة المحميات عام 1939. هناك، بين ظلال الأشجار ونبض النيل، تلتقي أرواح الطيور من شتى بقاع الأرض.

تشير الأبحاث إلى أن الغابة تأوي أكثر من 930 نوعًا من الطيور المهاجرة، و144 نوعًا من الطيور المستوطنة، من بينها أنواع نادرة ومهددة بالانقراض مثل صقر الغزال والبط الحمراوي. لكنها اليوم، ليست كما كانت. الحرب الدائرة مزّقت أوصال هذه الواحة الخضراء، وأفزعت الطيور من أعشاشها، وجعلت من عبورها الموسمي تحديًا محفوفًا بالمخاطر.

رسالة هذا اليوم العالمي ليست فقط بيئية، بل إنسانية في جوهرها. إنها دعوة لإعادة التفكير في مدننا، وأريافنا،وشوارعنا، وطريقة عيشنا، بحيث تصبح البيئة الحضرية شريكًا لا عدوًا للطبيعة. فبإنشاء الحدائق، وحماية الغابات، وتخطيط المدن بشكل مستدام، نصنع مستقبلًا لا تزول منه أصوات الطيور.

ومع تصاعد التحديات من تغير المناخ، إلى التلوث، والتوسع العمراني العشوائي، تصبح حماية الطيور المهاجرة ضرورة وجودية، لا مجرد شعار بيئي. فتناقص أعداد هذه الطيور ليس مجرد خسارة جمالية، بل جرس إنذار بيئي قد يُنذر بانهيارات أوسع.

في النهاية، إن غابة السنط تنادي أبناءها ومحبيها، الطيور تطرق نوافذ الذاكرة والضمير… فهل نعيد إليها الحياة؟ وهل نمنح الطبيعة فرصة للشفاء، من أجلنا ومن أجل الأجيال القادمة؟

5555
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

English