تحديات الثروة الحيوانية في زمن الحرب: نداء عاجل من الريف إلى المدينة
مدخل : يعتبر السودان من أغنى الدول العربية والأفريقية بثروته الحيوانية والتي تقدر فيه أعداد حيوانات الغذاء (أبقار – أغنام – ماعز – ابل) بحوالى 103 مليون راس (30 مليون راس أبقار، 37 مليون رأس أغنام، 33 مليون رأس ماعز، 3 مليون رأس من الإبل)، أضافة ل 4 مليون رأس من الفصيلة الخيلية، 45 مليون من الدواجن وثروة سمكية تقدر بحوالى 100 ألف طن للمصائد الدخلية و10 ألف طن للمصائد البحرية، إلى جانب أعداد كبيرة مقدرة من الحيوانات البرية.
ثم ماذا بعد
د. منى حسن أحمد
مقدمة:
منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، لم تقتصر الخسائر على الأرواح والمباني، بل امتدت إلى أحد أعمدة الاقتصاد الريفي وأساس الأمن الغذائي في البلاد: الثروة الحيوانية. لقد أصبحت الأبقار والماعز والدواجن ضحايا صامتة لهذه الحرب، تتهاوى معها سبل العيش في الريف كما في المدن، وسط انهيار الخدمات وفقدان الأسواق وغياب الرعاية البيطرية.
في ظل هذا التدهور، أصبح الأمن الغذائي مهددًا على نحو غير مسبوق، مما يستدعي وقفة وطنية عاجلة واستجابة دولية مسؤولة.
أولاً: تدهور الإنتاج الحيواني بالأرقام
بحسب تقرير شبكة ATAR الصادر في أبريل 2024، جاءت الأرقام صادمة وتعكس حجم الكارثة:
65٪ من المراعي الطبيعية تدهورت، ما قلّص مصادر الغذاء الحيواني.
64٪ من خدمات الرعاية البيطرية توقفت بسبب نقص الكوادر والمستلزمات.
58٪ من المربين أكدوا تراجعًا كبيرًا في إنتاج اللحوم والألبان والماشية.
هذه النسب تمثل انهيارًا في منظومة يعتمد عليها أكثر من 70% من سكان الريف السوداني لكسب رزقهم.
ثانيًا: قطاع الدواجن… انهيار صامت في المدن
كانت الدواجن تمثل مصدر البروتين الأرخص والأكثر توفرًا للمواطن السوداني، لكن الحرب وجهت لهذا القطاع ضربة قاضية:
توقف شبه تام للإنتاج نتيجة تمركز معظم مزارع الدواجن والمسالخ ومصانع الأعلاف في الخرطوم، التي باتت ساحة حرب.
ارتفاع جنوني في أسعار الأعلاف بسبب تعطل النقل والتصنيع.
تفشي الأمراض بين الدواجن نتيجة انعدام الرعاية البيطرية واللقاحات.
شلل التسويق والتوزيع بسبب الطرق غير الآمنة وتدمير الأسواق.
هذا ما جاء في تقارير منظمة الاغذية والزراعة FAO
ثالثًا: أزمة تهدد مستقبل الأمن الغذائي
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، يعاني أكثر من 18 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي الحاد. ويعد الانهيار المستمر في قطاع الثروة الحيوانية أحد أبرز مسببات هذا الوضع.
إنها ليست مجرد أزمة قطاعية، بل كارثة وطنية تتطلب استجابة عاجلة على كل المستويات.
رابعًا: الحلول العاجلة المقترحة
1. دعم المربين بالأعلاف والأدوية البيطرية بشكل مباشر وسريع.
2. إعادة تأهيل مراكز الخدمات البيطرية في المناطق الآمنة.
3. إنشاء ممرات إنسانية لتسويق المنتجات الحيوانية والزراعية.
4. تعزيز الاستثمار في نظم إنتاج مرنة تقاوم الأزمات والنزاعات.
رسالة أخيرة:
رغم كل الأرقام الصادمة، لا تُدرج أي جهة مانحة حتى الآن السودان ضمن خطط الدعم الزراعي أو الإنساني بجدية. في ظل هذا الغياب الدولي، تبقى المسؤولية على عاتقنا كسودانيين.
“ما حك جلدك مثل ظفرك…”
فلنتكاتف من أجل حاضرنا ومستقبل أجيالنا.
الثروة الحيوانية ليست مجرد قطعان ماشية، بل هي شريان حياة، وركن من أركان الكرامة الوطنية، وأساس الأمن الغذائي والدخل القومي.
رابط :

مقال قيم اتمنى ان يجد الاهتمام