اشادات وشهادات . ما بين قسومة ولورد راسل

الإعلام هو الوحيد القادر على جعل أي قضية أو منشط بادياً للعیان وتحت دائرة الضوء، وجاذباً لانتباه المسؤولين والمواطنين، والتجربة التي عكسها الأستاذ قسومة بيان عملي بضرورة وجود الإعلام في أي مجهود أو نشاط رسمي داخل أو خارجي.

اشادات وشهادات 

ما بين أحمد قسومة ولورد راسل

د.عبدالعظيم ميرغني ابراهيم

 إن كان أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ يعد أستاذ الكتاب الساخرين العرب فيكاد اللورد الإنجليزي بيرتراند راسل أن يكون أستاذ الكتاب الساخرين الأعاجم. 

 من أقوال لورد راسل الساخرة في شأن الإعلام والإعلاميين قوله، “لا تقتصر ظاهرة الهستريا الجماعية على البشر بل يمكن ملاحظتها في أي نوع من الأنواع الحيوانية التجمعية الأخرى. رأيت مرة صورة لقطيع ضخم من الأفيال في وسط أفريقيا في لحظة رؤيتهم الطائرة لأول مرة، كانت جميعها في حالة ذعر شامل وعظيم. الفيل، في معظم الأحيان، حيوان وديع وهادئ ومسالم، ولكن هذه الظاهرة غير المسبوقة لحيوان صاخب غير معروف في السماء أفقدت القطيع اتزانه. فقد كان كل فرد مذعوراً، وسرى هذا الذعر للآخرين مؤدياً إلى رعب مضاعف بدرجة عظيمة. وحيث أنه لم يكن هناك أي صحفي بينهم، فقد اختفى الرعب باختفاء الطائرة عن الأنظار.

• قد يرى البعض في قول اللورد إشارة إلى الإثارة والتضخيم والمبالغة التي يجنح إليها البعض من الصحفيين أحياناً عند تغطيتهم للأحداث، وذلك لما عرف عن اللورد من مداعبات وممازحات مع الصحفيين. فقد قيل أنه في العام 1920 كان ضمن وفد بريطاني زائراً للصين حينما تعرض لالتهاب رئوي حاد، حتى أن بعض الصحف اليابانية أعلنت خطأً وفاته. وعندما زار اليابان في طريق عودته لبلاده بريطانيا من الصين، بعث برسالة للصحافيين اليابانيين الذين كانوا ينتظرون إجراء مقابلات معه، بأنه “لكونه ميتاً حسب الصحافة اليابانية ، فإنه لن يتمكن من إجراء مقابلات معهم”

• ولكني أغلِّب أن اللورد أرد بقوله ذاك تقريظ الصحفي وتثمين دوره في تغطية الأحداث والتأثير عليها. كالدور الذي يقوم به حالياً الأستاذ أحمد فسومة في تغطية أحداث فعاليات مؤتمر أطراف اتفاقية مكافحة التصحر (رقم 16) من الرياض، المملكة العربية السعودية.

• لقد شاركت في عدد من المؤتمرات البيئية التي ظلت تعقد بشكل دوري منذ تسعينيات القرن الماضي، وتابعت من على البعد لكثير منها كذلك، ولكني لم أشهد تغطية إعلامية لمؤتمر من إعلامي سوداني مثل التغطية التي حظي بها مؤتمر التصحر هذا العام، والفضل في ذلك يعود للأستاذ أحمد قسومة الذي جعلنا نتابع أول بأول فعاليات هذا المؤتمر ونشاطات وفد السودان المشارك فيه.

• الإعلام هو الوحيد القادر على جعل أي قضية أو منشط بادياً للعیان وتحت دائرة الضوء، وجاذباً لانتباه المسؤولين والمواطنين، والتجربة التي عكسها الأستاذ قسومة بيان عملي بضرورة وجود الإعلام في أي مجهود أو نشاط رسمي داخل أو خارجي.

• للسودان ذخيرة ثرة في مجال مكافحة التصحر، امتدت على مدى أكثر من ثمانية عقود، منذ تشكيل لجنة صيانة التربة عام 1938 وحتى تاريخ اليوم 2024، تمثلت هذه الذخيرة في عشرات الدراسات والبرامج الهادفة لإيحاد الحلول لظواهر التصحر وتدهور الأراضي والجفاف. فللسودان ووفوده المشاركة خارجياً الكثير مما يمكن إشراك الآخرين فيه وعكسه إعلامياً .

• يكفي مثالاً للتدليل على ذلك بنيل مشروع وادي الكوع بولاية شمال دارفور جائزة الأرض للحياة لعام 2017 ( Land for Life 2017) في إطار مشاركة السودان في مؤتمر التصحر (رقم 13) بالصين.

• وقد تأهل هذا المشروع لنيل تلك الجائزة بتحقيقه بعض أهداف التنمية المستدامة (خاصة الهدف 15، الغاية 3) من أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بتحييد تدهور الأراضي ومكافحة التصحر. 

• منحت الجائزة للسودان من خلال مشروع وادي الكوع الذي نفذته حكومة ولاية شمال دارفور والمجتمعات المحلية برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة براكتكال اكشن بدعم من الاتحاد الأوروبي.

• نجح المشروع في زيادة هائلة في كمية المياه المختزنة، بلغت 5ر17 ضعفاً، مما رفع من مساحة الأرض المزروعة، من حوالي 875 فدان إلى ما يفوق 15 ألف فدان، مما وفر لعدد 4500 مزارعاً مساحات إضافية من الأراضي لفلاحتها بالمحاصيل الزراعية والعلفية للحيوانات.

• ساعد هذا المشروع في تخفيف الضغوط الواقعة على الغطاء النباتي الطبيعي الشحيح والمتدهور أصلاً وجنبه تبعات الرعي الجائر وبالتالي حدوث مزيد من التدهور. بالإضافة لذلك فإن المشروع فام بتأهيل مواعين تخزين المياه مما قلل من معاناة 17500 مواطن كانوا معرضين للجفاف ونقص المياه. 

• ضاعف هذا أيضاً من مقدرات خمس مجتمعات محلية بشمال دارفور على التواؤم مع ظروف بيئتهم. 

• نجح المشروع أيضاً في ترسيم 10 كيلومترات من مسارات الرحل والتي سوف يتواصل العمل فيها لتصل إلى 120 كيلومتراً طولياً. وقد خفف هذا الإنجاز من الاحتكاكات بين الرعاة والزراع. 

• بالإضافة إلى ما تقدم تمت إعادة إعمار مساحة 58 فدان غابات، وذلك من خلال إنشاء 5 غابات مجتمعية نسائية للإسهام في زيادة دخل الأسر بالمنطقة.  

• الشكر للأستاذ الإعلامي البيئي أحمد قسومة، وكل التوفيق لوفد السودان المشارك في مؤتمر التصحر رقم 16 بالرياض.

تضرعاتي بحسن الخلاص؛ وتحياتي.

عبد العظيم ميرغني

5555
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

English