اليوم العالمي للنحل 20 مايو 2025 تحت شعار “النحل مُلهمٌ من الطبيعة ليُغذينا جميعًا”
قال الله سبحانه وتعالى
{ وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴿٦٨ النحل﴾ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٦٩النحل﴾
احمد الامين قسومة
الامين العام لإعلاميون من اجل البيئة
مقدمة :-
في ظل التدهور البيئي الذي يضرب العالم في كل ركن من كوكب الارض من فقدان للتنوع البيولوجي وتدهور الاراضي وشح الغذاء وكان نتاجه تغير مناخي يؤدي الى مزيد من التدهور حتى اصبح النظام البيئي المتوازن قاب قوسين او ادنى من الانهيار التام ، فكان لابد من حل ، وهكذا اتجه العالم الى الحلول القائمة على الطبيعة بمحاولة استعادة التوازن البيئي لكبح جماح التغير المناخي وما يتبعه من انفلات في المنظومة البيئية ، ومن تلك الحلول الاهتمام بالتنوع البيولوجي متمثل في الحفاظ على الملقحات وعلى رأسها النحل كأهم ملقح ومنتج للغذاء يساهم في ذلك بالمساعدة في انتاج ثلث الغذاء حول العالم .
لماذ اليوم العالمي للنحل ؟!
يحتفل باليوم العالمي للنحل في 20 من مايو. حيث يصادف هذا اليوم ميلاد الرائد في تربية النحل انتون جانس. الغرض من هذا اليوم هو التعرف على دور النحل والملقحات الأخرى في النظام البيئي. وافقت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على اقتراح سلوفينيا بإعلان يوم 20 مايو اليوم العالمي للنحل في ديسمبر 2017م
اهمية الاحتفال بيوم النحل :
من خلال الاحتفال بيوم النحل العالمي سنويًا، يُمكننا رفع مستوى الوعي بالدور الأساسي الذي يلعبه النحل والملقحات الأخرى في الحفاظ على صحة الإنسان والكوكب، والتحديات العديدة التي تواجهها اليوم. نحتفل بهذا اليوم منذ عام ٢٠١٨، بفضل جهود حكومة سلوفينيا بدعم من منظمة أبيمونديا، والتي دفعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إعلان ٢٠ مايو يومًا عالميًا للنحل .
لماذا النحل مهم للبيئة ؟!
النحل والملقحات الأخرى ضرورية لإنتاج الغذاء والأمن الغذائي والاقتصاد، بينما تدعم أيضًا صحة الإنسان والنظام البيئي. وتمتد مساهماتها الحيوية إلى الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة – الاقتصادية والاجتماعية والبيئية – مما يعزز جودة الحياة وصحة النظام البيئي على المدى الطويل. يعتمد ما يقرب من 75 في المائة من أفضل أنواع المحاصيل في العالم التي تنتج الفاكهة والبذور للاستخدام البشري جزئيًا على الأقل على الملقحات . وبدون الملقحات، سنفقد الكثير من إنتاج المحاصيل في العالم ، وهو ما يمثل قيمة سوقية سنوية تتراوح بين 235 و577 مليار دولار أمريكي. وعلى الرغم من الاعتراف بأهميتها، فإن العديد من أنواع الملقحات في جميع أنحاء العالم آخذة في التناقص ومعرضة لخطر الانقراض بسبب ضغوط مختلفة من استخدام المبيدات الحشرية وانحسار الموائل الطبيعية والامراض وذلك ادى الى تعرض ما يقارب فقدان عشر انواع النحل البري في اوروبا .
صديق المزارع :
يدعم النحل النظم الاجتماعية وبتربية النحل تزدهر سبل كسب العيش لمربي النحل الصغار والكبار والمجتمعات الريفية والشعوب الأصلية، مما يساهم في إنتاج العسل وإنتاج الغذاء والتراث الثقافي والإلهام، مما يعزز في نهاية المطاف التنمية المستدامة. نظرًا لأنه يمكن ممارسة تربية النحل باستخدام المواد المتوفرة محليًا والموارد المحدودة، فإنها تخلق أيضًا فرص دخل للفئات الضعيفة، بما في ذلك النساء والشباب والأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع.
شعار هذا العام :
يسلّط شعار هذا العام، “النحل مُلهمٌ من الطبيعة ليُغذينا جميعًا”، الضوء على الأدوار الحاسمة التي يلعبها النحل وغيره من المُلقّحات في أنظمة الأغذية الزراعية وصحة النظم البيئية لكوكبنا. في الواقع، تُواجه المُلقّحات تهديدات متزايدة بسبب فقدان موائلها، والممارسات الزراعية غير المستدامة، وتغير المناخ، والتلوث. يُعرّض تناقص أعدادها إنتاج الغذاء للخطر، ويزيد من تكاليفه، ويُفاقم انعدام الأمن الغذائي، لا سيما في المجتمعات الريفية.
يُعدّ التلقيح أساسيًا لأنظمة الأغذية الزراعية، إذ يدعم إنتاج أكثر من 75% من محاصيل العالم، بما في ذلك الفواكه والخضراوات والمكسرات والبذور. بالإضافة إلى زيادة غلة المحاصيل، تُحسّن المُلقّحات جودة الغذاء وتنوعه.
كما يُمثّل النحل وغيره من المُلقّحات مؤشراتٍ على صحة البيئة، حيث تُوفّر رؤىً ثاقبةً حول النظم البيئية والمناخ. كما تُعزز حماية الملقحات التنوع البيولوجي وخدمات النظم البيئية الحيوية، مثل خصوبة التربة، ومكافحة الآفات، وتنظيم الهواء والماء.
وتُساعد الممارسات الزراعية الصديقة للبيئة، مثل الزراعة البيئية، والزراعة البينية، والزراعة الحراجية، والإدارة المتكاملة للآفات، في استدامة الملقحات، مما يضمن استقرار غلة المحاصيل، ويُقلل من نقص الغذاء والآثار البيئية.
النحل مملكة مليئة بالأسرار والإعجاز الإلهي:
«النحل» من المخلوقات المدهشة بطباعها وسلوكياتها وتكوينها، ومن أكثر الحشرات النافعة للإنسان، يعيش معنا لكنه ينتمي إلى عالم خاص به مليء بالأسرار والعجائب، ويعتبر نحل العسل هو الأكثر شهرة وارتباطاً بالإنسان، بينما هناك نحو 20 ألف نوع من النحل مصنف ضمن 9 عائلات.
بدأ الإنسان تربية النحل قبل آلاف السنين بهدف الحصول على عسله المفيد ولا يكف عن دراسة تلك الحشرة والتعرف على خصائصها، وكان أغرب ما توصل إليه العلماء هو اكتشاف لغة النحل في العام 1973، حيث توصل العالم كارل فون فريش إلى فك شفرة لغة نحل العسل وأطلق عليها «رقصة الاهتزاز»، وهي أكثر اللغات الرمزية تعقيداً وحصل على جائزة نوبل نتيجة ذلك الكشف العلمي المثير، حيث تبين أن لكل رقصة معنى معيناً
يعيش النحل في جماعات أو مستعمرات منظمة ومجتمع تعاوني، لكن الأبحاث العلمية كشفت عن أن معظم أنواع النحل تميل إلى العزلة وغير اجتماعية عدا «نحل العسل»، يعيش في مستعمرات تقودها «الملكة» التي تحكم الخلية وتتزوج من ذكر واحد وهي الوحيدة التي تضع بيض النحل ولا تغادر الملكة الخلية إلا للتخصيب أو المطاردة.
ومن العجيب أن الملكة تضع نوعين من البيض، الأول مخصب تخرج منه العاملات والملكة التالية والثاني غير مخصب يخرج منه الذكور، وقد كرم الله النحل واختصه بسورة باسمه وأشار إلى فوائده في مواضع كثيرة في القرآن الكريم .
وفي مملكة النحل نظام دقيق يؤدي فيه كل واحد دوراً محدداً، حيث تتولى العاملات جمع الرحيق وتخزينه في الخلايا، وتقع عليهن مسؤولية رعاية الملكة، وتوفير الطعام لها.
أما ذكر النحل، فيمتاز بحجمه الضخم وهو أقصر طولاً من الملكة ويفتقد إلى القدرة على جمع الرحيق وإفراز العسل أو الغذاء الملكي، وتقتصر وظيفته على تلقيح الملكات، والمثير أن الذكور تفقد حياتها على الفور بعد التلقيح.
وتبقى فوائد تلك الحشرات للإنسان وللبيئة مثيرة للدهشة ومتعددة، فالنحل له دور مهم في الحفاظ على التوازن البيئي، فهو يساعد النباتات المزهرة على التكاثر، وتنتج العسل والشمع واللذين يستفيد منهما الإنسان بصورة متعددة في التغذية والمستحضرات الطبيعية والتجميل، كما تتم الاستفادة من الشمع في بعض الصناعات.
وأخيرا :
كيف ينتج النحل العسل ؟
في البداية يقوم النحل بجمع الرحيق من الأزهار، وذلك عن طريق لسانه الطويل، والذي يتشابه في شكله مع شكل الأنبوب، ولأن الله ميز النحل بمعدة منفصلة عن معدته الأصلية، فإنه يقوم بجمع الرحيق في تلك المعدة، ويتم داخلها مزج الأنزيمات التي تقوم بإفرازها مع رحيق العسل، مما يعمل على تغيير خصائصه.
بمجرد وصولهم إلى الخلية، يسلمون الرحيق إلى النحل “الماضغ”. النحل الماضغ يجمع الرحيق ويمضغه لمدة 30 دقيقة. خلال المضغ، تقوم الإنزيمات بتحويل الرحيق إلى مادة تحتوي على العسل مع الماء.. بعد المضغ، يوزع النحل العامل المادة في اقراص العسل، حيث تتبخر الماء، مما يقلل الماء فى العسل .
ومن المهم ان نعرف إن النحل ليس مجرد مصدر للعسل فحسب، بل يقدم لنا كنزًا من المنتجات الطبيعية التي تضيف قيمة كبيرة للاستخدامات الآدمية. من بين أبرز هذه المنتجات صمغ النحل وشمع النحل، وهما عنصران يستخدمان بطرق مختلفة. و يُعدّ صمغ النحل (العكبر) أو (البروبلس) وشمع النحل من المنتجات الطبيعية التي يقدمها النحل، ولكل منهما خصائص وفوائد مختلفة.
وفي الختام علينا ان نعمل جميع لدعم ذلك الكائن الصغير والذي لولاه لما تمتعنا بغذاء شهي ولا عسل حلو المزاق .
رابط عن النحل :
