من الأخطاء التشريعية في القوانين حول قانون رقابة الأطعمة لسنة 1973م
بقلم /، احمد محمد الأمين قسومة
تحدثنا في مقالات سابقة عن الزراعة ، ومن المعروف بأن الزراعة القصد منها إنتاج الطعام، طبيعيا كان أم بإدخاله في منظومة الصناعة لإنتاج الغذاء، ولا بد لنا طالما تم إدخال شيء ما عليه من وسائل الحفظ أو التعديل أو التحويل بالتصنيع لاستعماله كغذاء ،أن يكون هنالك نوع من التنظيم أو قل الرقابة والتقييد، ولا يتم ذلك إلا وفق تشريع قانوني يراعي مصالح وصحة الناس .. ونحن في هذا الشهر الفضيل والذي امرنا الله سبحانه وتعالى بالصوم فيه عن كثير من الأعمال المباحة في سائر حياتنا ،إلا أن الصوم والامتناع عن الطعام يشكل جزءا مهما في هذا النسك والركن أفي الدين الاسلامي حيث قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (183سورة البقرة) وقول رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم ( صوموا تصحوا ) أو كما قال ، والصوم عن الطعام فيه الكثير من الفوائد لجسم الانسان منها أنه يتيح له الفرصه للتخلص من السموم التي دخلته عبر الطعام ،فعملية تداول وتصنيع وحفظ الطعام يصحبها الكثير من المخاطر، ولذا كان من الضروري أن يكون هنالك رقابة على أنواع الأطعمة المقدمة للبشر، حيث إن قوانين الرقابة على الاطعمه صدرت منذ عهود سحيقة ولكننا نجد مثال قريب له في قانون رقابة الأطعمة لسنة 1973 م، والذي دخلته الكثير من التعديلات ..لقد اختططنا لمقالاتنا اسم (أخطاء تشريعية في القوانين)، وفسرنا ذلك في كثير من المواضع ولكننا هنا نجد الخطأ التشريعي واضح في أنه جعل القانون يجنح ويحيد عن القصد الرقابي ويتجه للتكالب على جمع المال نظير التصاديق ،فأصبح الباب مفتوحا على مصرعيه للتلاعب في نصوص مواد القانون، فمثلا نجد في الماده 14ـ (1) يجوز للمحلية المختصة إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون ولتحقيق أغراضه (2) مع عدم الإخلال بعموم أحكام البند (1) يجوز أن تنص تلك اللوائح على الآتي
(أ ) الرسوم الواجب دفعها عند التحليل ، (ب) المواصفات والشروط الصحية الواجب توفرها في الأطعمة ، وفي أماكن تداولها وفي الأشخاص العاملين في مجال تداولها ، (ج) المؤهلات والمستويات الواجب توفرها في ضباط التفتيش التابعين للمحليات المختصة وفي مفتشي الرقابة ، (د ) المستويات والمواصفات الواجب توفرها في معامل التحاليل والاختبارات بالمحافظات .
على الرغم من أنه قانون اتحادي لا ضير لنا بتفويض بعض من صلاحياته للمستويات الأدنى في الحكم ،ولكنها وفي ظل ضغوط تحصيل الايرادات قد تحدث بضع التجاوزات ،وبالتأكيد تنعكس أضرارها على الكل وهذا واضح بأنه جعل أول بند هو تحديد وتحصيل الرسوم وبالتالى أصبح المال هو الموجه لسياسات التطبيق ، فمن يستطيع ان يدفع للفحص أيضا يمكنه أن يدفع ليمرر أخطاءه، وذلك على الرغم من أن القانون والذي يحتوي على 15 مادة، وفيها من الضوابط الجيده للحفاظ على صحة طعام الانسان ، إلا أن المشرع أخطأ بأن جعل مثل تلك التصاديق مرتبطة بالرسوم، فالأجهزة الرقابية يجب ألا نضعها في ظل منظومة الإيرادات المالية حتى لا تقع فريسه لسطوة المال، فمثلا عندما عرّف القانون نوعية الاطعمة كما أوردها بالمواد التي حدد فيها المحظور والمباح في باب ومواد حظر تداول الطعام المغشوش المادة 3ـ (1) يعتبر طعاماً مغشوشاً كل طعام أريد به ، عن علم وقصد، الغش أو محاولة الغش إذا : (أ ) أضيفت إليه مادة أخرى أو حذفت منه أو خففت أي مادة من عناصره مما يقلل جودته أو يؤثر على نوعه أو طبيعته المحددة في المواصفات المقررة ، (ب) خالفت الديباجة الملصقة عليه حقيقة تكوينه أو تركيبه أو قيمته أو مصدره أو عمره أو محل صنعه ، (ج ) خالفت الديباجة الملصقة عليه المواصفات المقررة لصنعه بأية طريقة أخرى . (2) كل شخص يتداول طعاماً مغشوشاً أو أية مادة يحتمل أن تستعمل في غش الطعام أو يشرع في ذلك أو يحرض عليه يعتبر مرتكباً جريمة ويعاقب بالسجن مدة لا تجاوز سنة واحدة أو بالغرامة التي تحددها المحكمة أو بالعقوبتين معاً . حظر تداول الطعام الفاسد 4 ـ (1) يعتبر الطعام فاسداً اذا : (أ ) تغير تكوينه أو تغيرت خواصه الطبيعية من حيث الطعم أو الرائحة أو المظهر سواء كان التغيير كلياً أو جزئياً مما يجعله غير صالح لاستهلاك الإنسان ، (ب) انقضى التاريخ المحدد لاستعماله حسبما هو محدد في ديباجته ، (ج) احتوى الطعام على فضلات حيوانية أو ديدان، ويستثنى من ذلك الخمير وفصائل الصوفان وغيرها من الأطعمة التي تتقبل بطبيعتها توالد بعض الكائنات غير المضرة بالصحة . (2) كل من يتداول، مع علمه، طعاماً فاسداً أو يشرع في ذلك أو يحرض عليه يعتبر مرتكباً جريمة ، ويعاقب بالسجن لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي تحددها المحكمة أو بالعقوبتين معاً . حظر تداول الطعام الضار. 5ـ (1) يعتبر الطعام ضاراً إذا : (أ ) احتوى على مادة سامة أو ضارة قد تهدد حياة الإنسان أو تضر بصحته فوراً أو بعد تعاطي ذلك الطعام بصفة متكررة ، (ب) احتوت المواد المستعملة في تعبئته أو تغليفه على مواد سامة قد تضر بصحة الإنسان أو تتسبب في إصابته بأي مرض ، (ج) تم تحضيره أو توزيعه بوساطة أشخاص مصابين بأمراض معدية أو جروح أو قروح ناقلة للعدوى أو يشتبه في إصابتهم بأمراض معدية أو أنهم حاملون لها . (2) كل من يتداول ،مع علمه ، طعاماً ضاراً أو يشرع في ذلك أو يحرض عليه يعتبر مرتكباً جريمة ،ويعاقب بالسجن مدة لا تجاوز ثلاث سنوات أو بالغرامة التي تحددها المحكمة أو بالعقوبتين معاً . الطعام المعبأ. 6ـ (1) يجب أن يكون الطعام المعبأ مستوفياً لأحكام هذا القانون ومطابقاً للمواصفات المقررة بمقتضى اللوائح الصادرة بموجبه .(2) يجب أن تلصق بطاقة أو ديباجة على وعاء الطعام المعبأ توضح مقداره وتركيبه وتاريخ صناعته والتاريخ المحدد لاستعماله وغير ذلك من المواصفات التي تقررها اللوائح . (3) كل من يخالف أحكام هذه المادة يعتبر مرتكباً جريمة ويعاقب بالسجن مدة لا تجاوز شهراً واحداً أو بالغرامة التي تحددها المحكمة أو بالعقوبتين معاً الطعام المصدر . 7ـ (1) يجب استيفاء الطعام المصدر وأية مواد معدة للتصدير تدخل في صنع الطعام أحكام هذا القانون ومطابقة المواصفات المقررة بمقتضى اللوائح الصادرة بموجبه . (2) كل من يخالف أحكام هذه المادة يعتبر مرتكباً جريمة يعاقب عليها بالسجن مدة لا تجاوز ستة أشهر أو بالغرامة التي تحددها المحكمة أو بالعقوبتين معاً .
على الرغم من ان القانون فسر أنواع الأطعمة المضرة التى يعاقب عليها القانون عند تداولها إلا أنه لم يراعِ العقوبة المناسبة للمتسبب بالمخالفة، وهي شهر في حالة التعبئة وأقصاها ثلاث سنوات في الطعام الضار بالصحة ، وقد يكون الضرر الناتج عنها كبيرا وفادحا، وكل ذلك يهون بالنظر لتقاعس السلطات بالأخذ بالقانون لأحكام الرقابة وتمسكها وسعيها بتحصيل رسوم الفحص والتحليل ولذا ينطبق علينا قول الله تعالى (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (سورة آل عمران 93) طالما حرمنا على أنفسنا نوعا من الطعام لأنه اثبت ضرره فعلينا التمسك بذلك ،فهذه الآية خير مثال فالتوراة هي تشريع سماوي انزله الله على موسى عليه السلام ،نبي بني أسرائيل من قبل ،وأورد لنا بالقرءان الكريم الكثير من حقائقها لتكون دروسا وعبرا ونقول للقائمين على الامر اعتبروا في قصص القرءان لنأخذ العبرة منها.
