سقوط الطيور المفاجئ: قراءة علمية في الأسباب المحتملة وأهمية التوازن البيئي
في ظل انتشار خبر سقوط عدد من الطيور ونفوقها في أماكن متفرقة، وظهور صور وتكهنات متعددة على الوسائط الاجتماعية، نود اغتنام هذه الفرصة لنشر الوعي البيئي وتقديم معلومات علمية موثوقة حول الطيور وأسباب تأثرها بالظروف المحيطة.
سقوط الطيور المفاجئ: قراءة علمية في الأسباب المحتملة وأهمية التوازن البيئي
د. محمد المكي علي البدوي
أستاذ علم الطيور – جامعة سنار
في ظل انتشار خبر سقوط عدد من الطيور ونفوقها في أماكن متفرقة، وظهور صور وتكهنات متعددة على الوسائط الاجتماعية، نود اغتنام هذه الفرصة لنشر الوعي البيئي وتقديم معلومات علمية موثوقة حول الطيور وأسباب تأثرها بالظروف المحيطة.
ما تم تداوله من صور ومقاطع يشير إلى حادثة غير مألوفة، ورغم كثافة التحليلات والآراء، إلا أن غياب التشريح المعملي والتحقيق الميداني يجعل من الصعب الوصول إلى استنتاجات دقيقة، وتبقى معظم الآراء مجرد اجتهادات غير موثقة علمياً.
من خلال إحدى الصور المتداولة، تم التعرف على نوعين من الطيور المتأثرة:
ود أبرق (House Sparrow)، وهو طائر مستوطن طوال العام.
نوع من الزرزور (غالباً Village Weaver)، وهو طائر مهاجر.
الذكور من هذه الطيور تُعرف بألوانها الزاهية، والتي تُعد وسيلة لجذب الإناث خلال موسم التزاوج، فيما تكون الإناث أقل تميزاً في اللون.
تأثير الحرارة على نشاط وحياة الطيور
درجة الحرارة من أبرز العوامل التي تؤثر على الطيور، حيث تمتلك الطيور مدى حرارياً مثالياً للنشاط يُعرف بـ المنطقة الحرارية المتعادلة Thermoneutral Zone بين 20 إلى 40 درجة مئوية.
عند انخفاض الحرارة دون 20°، تلجأ الطيور إلى الارتعاش (Shivering) لإنتاج الحرارة، باستخدام عضلتها الصدرية الكبرى. أما إذا ارتفعت الحرارة فوق 40°، تبدأ آليات لتبريد الجسم، منها اللهث (Panting)، والتبريد بالتبخر (Evaporative Cooling)، وتلعب الأكياس الهوائية (Air Sacs) دوراً مهماً في التبريد وتخزين الأوكسجين، وعددها تسعة في جسم الطائر.
لكن رغم ارتفاع درجات الحرارة مؤخراً، فإنها لا تبدو كافية بمفردها لتفسير هذا النفوق الجماعي، وإن كانت عاملاً مساعداً في ظل وجود عوامل أخرى.
الطيور ككواشف بيئية حساسة
الطيور حساسة للغاية للمواد السامة وتُعد مؤشراً حيوياً على توازن البيئة. ومن الاحتمالات الواردة في حادثة النفوق:
تسمم ناتج عن مواد كيميائية.
تلوث الهواء بالغازات السامة.
تلوث المياه أو الغذاء بعناصر سامة.
وقد أشارت بعض الوسائط إلى احتمال تناول الطيور بذور قمح معالجة كيميائياً، دون توفر تأكيد رسمي أو تحاليل مخبرية حتى الآن.
الماء ودوره في حياة الطيور
في سياق متصل، وردت إفادة من أحد المواطنين بولاية الجزيرة عن حادثة مشابهة قبل سنوات، حيث شاهد سقوط طيور أمام منزله، فقدم لها الماء، ما أدى إلى نجاة بعضها.
وهنا تبرز أهمية تنظيم الماء Water Economy لدى الطيور، حيث تحصل على الماء عبر ثلاث وسائل:
1. الشرب المباشر.
2. الماء الموجود في الطعام.
3. الماء الناتج عن عمليات التمثيل الغذائي (Metabolism).
وكنوع من التكيف مع البيئة، لا تمتلك الطيور مثانة بولية، ولا تفرز بولينا، بل تنتج حمض اليوريك شبه الجاف لتقليل فقدان الماء وتخفيف الوزن، ما يُعد عاملاً مساعداً للبقاء خاصة خلال الهجرات الطويلة.
في درجات الحرارة العالية، تزداد حاجة الطيور للماء بسبب زيادة النشاط البدني لتبريد الجسم. وتلجأ الطيور إلى الظل أو تقليل النشاط في أوقات الذروة، وإذا فشلت في الوصول للماء بسبب الجفاف أو إزالة الغطاء النباتي، فإن النتيجة الحتمية تكون الموت.
الختام
ما حدث من نفوق للطيور يدق ناقوس الخطر بضرورة الاهتمام بالبيئة، ورصد أي تغيّرات غير طبيعية، سواء كانت ناتجة عن الإنسان أو تغيرات مناخية.
ونكرر الدعوة لكل من لديه معلومات أو ملاحظات حول هذه الظاهرة أن يشارك بها، لما في ذلك من أهمية لحماية التنوع البيولوجي.
د. محمد المكي علي البدوي
أستاذ علم الطيور – جامعة سنار
