في سنة 1964 ظهر شاب من أسرة الإمام المهدي على مسرح السياسة السودانية زرب اللسان، قوي الحضور، ذو شخصية نفاذة، وأؤل ما بشر به هو السندكالية. وقد كنت أنا في ذلك الزمان طالباً في نهاية المرحلة الثانوية. وقد كان للسيد الصادق المهدي تأثير قوي على طبقة الشباب. كان يرتدي دائماً جلباب الأنصار المعروف (بالجبة) والتي تلبس من إتجاهين من الأمام إلى الخلف وبالعكس. حتى أنني أذكر إن أستاذاً للعلوم بمدرسة كوستي الثانوية وقد كان مصرياً سألني عندما رآني أرتديها قائلاً (انت رايح ولا جايي). كما كنا أيضاً نقلد السيد الصادق بارتدائنا للعللة الانصارية المعروفة واصبحت موضة للشباب. وتطورت لتصبح زي يرتديه عدد كبير من شباب هذا البلد. ومنذ ذلك الوقت تعرضت لكثير من الإضافات والتعديلات حتى صار بعض الفناين الكبار يرتدونها على المسرح اذكر منهم على سبيل المثال أولاد البنا وعوض الكريم عبدالله، وبادي محمد الطيب وأخيراً مأمون سوار الدهب. ولكن انتهت صرعة السندكالية في حدود اللبس والموضة وعفى عليها الزمان ونسيت. فما هي السندكالية:
السندكالية هي طريقة أخرى في النظام الشعبي الديمقراطي تختلف عن ديمقراطية وست منستر التي ظللنا نمارسها منذ الإستقلال، وهي الديمقراطية البرلمانية القائمة على التعدد الحزبي والدوائر الجغرافية. فالسندكالية هي أيضاً نظام سياسي برلماني ولكنه يقوم على التنظيم الفئوي كيف؟ كل فئة من فئات الشعب مثلاً الزراعيين والأطباء والمهندسين ورجال الأعمال والحرفيين وهلم جرا، نتتخب أعضاءها الذين يمثلونها في البرلمان. هذا البرلمان ينعقد وبنتخب رئيساً له ورئيساً للوزراء ورئيساً للجمهورية. والوزراء ينتخبون من بين اعضاء البرلمان وكل وزارة يكون على رأسها وزير من نفس الفئة مثلاً، زراعي لوزارة الزراعة وطبيب لوزارة الصحة وإقتصادي للمالية وهكذا.
أقترح الخروج من هذه المرحلة من عمر السودان باللجؤ للسندكالية ولنترك جانباً ديمقراطية وست منستر التي فشلت مراراً وتكراراً في السودان. وأخيراً أقترح أن يرتدي جميع شباب السودان العلله بأشكالها المختلفة والعزبة على الشمال ويحملون المعاول والكواريك والطواري وينظفون الشوارع ويغرسون الأشجار في حملة نظافة ضخمة لإزالة الأوساخ من هذا البلد الذي أصبح غثاءً أحوى في كل الشوارع والحارات. ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم.
